الزمن السينمائي ـ الثورة ـ الحرب
12/02/2016
لا بد أنني مدين للتكنولوجيا التي منحتني القدرة على استخدام كاميرا ديجيتال. الكاميرا التي تقلّص حجمي كما لو أنها اكسير يسهّل انتقالي بين العوالم الداخلية للإنسان وتعريته في عالم سحري يبدو فيه كل شيئ معقول ولا معقول. علبة الزمن التي تنجو من أعتى الصواريخ والطائرات، وتستطيع حفظ ما لا نستطيع حفظه. منحتني تلك الآلة المغوية قدرة استثنائية لعبور الحدود والجدران الدفاعية التي يضعها الإنسان في مواجهة الإنسان. وبهذا المعنى ربما تكون الكاميرا الباحث النفسي الأخطر في العالم.
لم أستطع قبل الثورة التمييز بين مفهومين فلسفيين للزمن الذي نعيشه: "الزمن السينمائي" و"الزمن التلفزيوني" إذا صح التعبير، على اعتبار أنهما الوسيلتين الأكثر تأثيراً...
المزيد
سيجارة - كاميرا - مضاد طيران
23/04/2015
في ذلك اليوم، بعيد الظهيرة، وبينما كنت في طريقي إلى "بسطة" الدخان: طاولة صغيرة، كرسي، بضع "بواكيت" من الدخان من نوعين أو ثلاثة كلها مفتوحة - لأنها تباع بالواحدة - رنت السماء. إنه الصفير الذي أصبح يولّد منعكساً عصبياً، يشلّ كل شيء حتى الزمن، بجرعة هائلة من الأدرينالين دفعة واحدة. إنه صفير الطائرة حين تغير، بشكل أدق، هو صفير الطائرة حين تغير، وتدرك بالحدس، أنك داخل دائرة الاستهداف المباشر.
يتوقف الزمن في الأفلام عند هذه هي اللحظة ويرى البطل شريط حياته في ثانية، لكنك في الواقع لا تسترجع شيئا، بل تمتص المحيط بعينيك. تمتص كل التفاصيل في المكان، التفاصيل التي لم...
المزيد
أحمل الكاميرا كحامل الدرع
30/12/2013
أحمل الكاميرا كحامل الدرع: لا ينجو من المجزرة، إلا من مات.
30/12/2013
بعيداً في الماضي الضبابي أذكر جيداً شعوراً دافئاً انتابني حين أمسكت بكاميرا التصوير الفوتوغرافي لأول مرة.
كأني رأيت حينها نبوءة أنه ذات يوم سأستعمل هذه الأداة لحد الاستنزاف. حملتها كحامل صولجان الحكم حينها، أما اليوم فأحمل الكاميرا كحامل الدرع ...
أذكر تماماً متى قمت بذلك حرفياً للمرة الأولى وكيف احتفظت بتلك الحالة إلى الآن. نسيت الكثير من التواريخ والأحداث لكن ذلك اليوم حفر في الذاكرة
السادس والعشرين من شهر حزيران ٢٠١٢. في نهاية يوم طويل ومتعب ساقتني قدماي - مسيرا غير مخير- إلى الساحة التي سبقتني إليها جثث ضحايا المجزرة. لم يكن من...
المزيد
في عيني رصاصة رأيتُ من أطلقها - بقلم روجيه عوطة
01/09/2012
وقف الشاب وسط مجموعة كبيرة من الطلبة مسجلاً بكاميراه اندلاع الربيع الباريسي، وملتقطاً آثار الإنتفاضة على وجوه المحتجّين الذين غصّت بهم شوارع العاصمة الفرنسية في أيار 1968. لم ينتبه الطالب في المعهد العالي للدراسات السينمائية إلى أن لحظات الإنتفاضة التي التقطها بعدسته لم تُحفظ في فيلم لأنه نسي وضع شريط تسجيلي في الكاميرا.
هذه الحادثة، التي حصلت مع المخرج عمر أميرالاي يوم كان طالباً في باريس، لم تحرمه من الاحتفاظ بمشاهد انتفاضة 68 الطالبية التي حاول أرشفتها. فقد سُجلت في ذاكرته، وظلت ترخي بظلالها على فنه ورأيه التمردي، سياسةً واجتماعاً، حتى موته في شباط 2011، قبل شهر من اندلاع ثورة الكرامة...
المزيد