باريس: "ثورة الحرية التي أسّس لها سمير قصير، بكتاباته وآرائه واستشرافه، واستشهد من أجلها، لا تقف عند أبواب حاكمٍ ومستبدّ، أو طاغيةٍ ظالم"، تقول الإعلامية جيزيل خوري، بينما كانت تستعد لتسليم جائزة سمير قصير لهذا العام في الذكرى السنوية الحادية عشرة لاغتيال الكاتب والمؤرخ سمير قصير.
المئات يتقدّمون للفوز بالجائزة التي تقدّمها المؤسسة بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان. الفئات تتضمّن مقال الرأي، وفاز عن هذه الفئة الصحافي السوري ماهر مسعود، ثمّ فئة التحقيق الاستقصائي، التي فاز عنها الصحافي المصري محمد طارق. أمّا الفئة الأخيرة فهي للتقرير السمعي البصري، وربحها الصحافي السوري مطر إسماعيل.
واقعية قصوى
يروي إسماعيل في فيلمه معاناة عائلة تعيش في الحصار في جنوب دمشق. ثلاث سنوات مرّت، ولا تزال المنطقة محاصرة، رغم تحسّن بسيط في الأشهر الأخيرة، بفعل إيصال بعض المساعدات إلى العائلات. حالات لا تحصى من الجوع والمرض أراد المخرج أن يعكسها إلى العالم من خلال فيلمه.
من جنوب دمشق المحاصر يتحدّث إسماعيل إلى "إيلاف"، وفي صوته حماسة فنان حرّ، يشعر بأن رسالته كسرت حاجز الظلم، ووصلت وفازت. يُخبر المخرج بأنه صوّر فيلمه خلال يومين فقط، وبتقنيات بسيطة. أمّا المونتاج فاستغرق الحيّز الأكبر من العمل. إنها تجربته الأولى في هذا النوع من الإنتاجات فهو معتاد على التقارير الإخبارية، لكونه صحافيًا ومراسلًا لوسائل إعلامية عدّة.
في الفيلم، تأخذ الكاميرا دور عينين مراقبتين، لا تتدخّل ولا يتحدّث إليها أحد، تعكس فقط واقعية حياة يومية تُعاش بأقصى حدود البساطة، بحزن لا يخلو من الأمل والحبّ أيضًا.
من رحم الأحزان
"حبّ في الحصار" هو عنوان الفيلم القصير، من إخراج مطر إسماعيل، وإنتاج مؤسسة "بدايات". لا ليس الموضوع قصّة حبّ، كما قد يخيّل للمرء للوهلة الأولى، يخبر إسماعيل أن اختيار العنوان كان المهمّة الأصعب. يقول: "أردت أن يعرف الجميع أن للمحاصرين رغم المأساة عزّة نفس وكرامة كبيرتين جدًّا. لا يمكن حصر الوضع في سوريا في النظام والتنظيمات الإسلامية والإرهاب. ثمّة من ينتظر الغد بأمل، ثمّة من يريد أن يعيش بسعادة وحرّية وحبّ".
يشرح أن علاقة حبّ حقيقية تجمع بين أفراد العائلة، التي لا تيأس من البحث عن حياة في قلب موت يحيطها من كلّ الجهات. كاميرا إسماعيل صادقة لا ترصد صور الدمار، ولا دوي القذائف، بل كلها حاضرة في عيون الشخصيات، في بسماتهم الخجولة، في القمامة، حيث تأتي الوالدة بالطعام، وفي لون "الشحتار" على وجه الأطفال.
يؤكّد إسماعيل أن الفيلم لا يصوّر واقع هذه العائلة فحسب، بل أيضًا آلاف العائلات القابعة وسط الحصار. حرص المخرج على نقل الصورة بأقصى حدود الواقعية، مركّزًا على تفاصيل دقيقة. لا يخفي أن ظروف التصوير كانت الأصعب على الإطلاق.
فوز جماعي
كان مطر إسماعيل يشعر بأن الفيلم سيفوز بالجائزة. "لست أنا من فاز، بل كلّ العائلات المحاصرة". حين اتصلوا به لإعلامه بالخبر السار، لم يكن الإرسال جيّدًا، لكنّه فهم أنّه ربح، وقفز فرحًا.
إسماعيل لم يقدر أن يتسلّم جائزته في بيروت. تسلّمها صديقه، لكن يصعب حتى أن يوصلها إليه، لأنها مبلغ قيمته 10 آلاف يورو، ولا يمكن أن تجتاز الحواجز. إسماعيل فائز من بعيد، يأمل أن ينتهي الحصار. يصلّي في نهاية فيلمه مع أغنية سامي حواط: "ريتو القمر ينزل خبز تنور... ع بيوتنا ع حقولنا ويدور...ع بيوت خربانة وقلوب تعبانة...".
يمكنكم مشاهدة فيلم "حبّ في الحصار" عبر هذا الرابط:
http://bidayyat.org/ar/films_article.php?id=207#.V1c0xPl97IX
رابط المقال على موقع إيلاف: http://elaph.com/Web/News/2016/6/1092724.html