في الصحافة
صورة من فيلم "بلدنا الرهيب"

حوار عن فيلم "بلدنا الرهيب"

10/07/2014

حوار عن فيلم "بلدنا الرهيب" نشر بالفرنسية في جريدة مهرجان مرسيليا الدولي، بتاريخ  ٣ تموز قبل عدة أيام من نيل الفيلم الجائزة الكبرى في المهرجان

حوار عن فيلم "بلدنا الرهيب" نشر بالفرنسية في جريدة مهرجان مرسيليا الدولي، بتاريخ  ٣ تموز قبل عدة أيام من نيل الفيلم الجائزة الكبرى في المهرجان. أجرى الحوار الناقد السينمائي نيكولا سودروف

 

السؤال الاول:

 

شاهدنا في العام ٢٠١٠ البورتريه الجميل الذي انجزته على مدى عدة سنوات عن  الدكتور نصر حامد ابو زيد، تعود اليوم مع بورتريه جديد لياسين الحاج صالح المثقف المنخرط في الاعصار السوري. ماهي جذور هذا الفيلم؟ وكيف تم اللقاء بينكما؟

 

البورتريه التي صنعتها عن المثقف المصري نصر حامد أبو زيد، كانت عملا فرديا وذاتيا، في زمن "السلم"، تناولت فيها علاقتي الشائكة مع هذه الشخصية وتساؤلاتي من حول كيفية تصوير الفكر

ومن حول الانسان الذي يقبع خلف شخصية المثقف والمفكر الكبير.

 فيلم "بلدنا الرهيب" ينتمي الى زمن آخر، زمن الثورة والتحولات الكبرى، التي غيرتنا وغيرت كل ما حولنا وغيرت طريقة صناعتنا للافلام الوثائقية وفهمنا لسينما المؤلف. هذا الفيلم ينتمي لسينما الطوارئ التي دفعتنا، كمجموعة وكأفراد، لأن نبدأ بتحقيق هذا الفيلم قبل حتى أن نفكر بتوزيع الادوار فيما بيننا، ومن هو المؤلف ومن هو المخرج ومن هي الشخصيات الرئيسية.

ياسين الحاج صالح من جيلي تقريبا، تعرفت عليه في نهاية التسعينات بعد خروجه من ١٦ عاما من الاعتقال السياسي ونشأت بيننا علاقة صداقة وزمالة فكرية. مع بداية الثورة السورية في العام ٢٠١١ دخل ياسين في الحياة السرية داخل مدينة دمشق وظل مواكبا للثوره بكتاباته وتحليلاته الجريئة, الامر الذي جعل منه بسرعه واحد من أبرز المشتغلين الثقافيين داخل الثوره في مرحلتها السلمية.

 بعد ذلك، ومع انتقال ياسين وزوجته سميره الخليل الى المناطق المحرره من سلطه النظام في الغوطة في ضواحي دمشق، لم تعد حريتهما مهدده مباشرة من قبل مخابرات النظام الاسد، لكن حياتهما اصبحت مهدده،كما معظم سكان هذه المناطق، بقنابل وصواريخ النظام الاسدي. ومن هنا ولدت فكرة صناعة فيلم عن ياسين المثقف والانسان في زمن الثورة.

 

 

السؤال الثاني:

 

انجزت الفيلم مع زياد حمصي ووقعتماه سويا، كيف جرى التعاون بينكما؟ يمكننا أن نتخيل ان ظروف التصوير كانت صعبه للغاية إضافة الي انها امتدت على مدى عام كامل، كيف تم التصوير وهل كان هناك حوادث أثرت على التصوير؟

 

 كانت الفكرة في البداية محاولة توثيق حياة ياسين وسميرة في المناطق المحررة، وتواصلت مع الصديق المصور زياد حمصي طالبا منه أن يحاول تصوير جوانب من حياة ياسين الآتي من دمشق للعيش في المناطق الشعبية الثائرة. فقد كان هناك صعوبة بالغة أن أصل من بيروت مكان إقامتي الى ريف دمشق، في حين كان زياد ناشطا ومقيما في هذه المنطقة وتحمل وحيدا أعباء التصوير فيها بامكانيات ومعدات بسيطة.

شيئا وفشيئا تطورت العلاقة بين ياسين وزياد ونشأت بينهما علاقة صداقة جمعت تجربة جيلين انخرطا كل على طريقته في الثوره. وعندما قرر ياسين ترك الغوطة متوجها في رحلة شاقة عبر الصحراء ومناطق سيطرة النظام الى الشمال السوري، كان قرار زياد الشخصي أن يرافقه بكاميرته متحملا معه ذات المخاطر والعقبات.

مع وصول أولى المواد المصوره في دوما الى بيروت، كان واضحا أن حضور زياد حمصي يتعدى عمله كمصور الى أن يكون محاورا لياسين وفي مكان ما شخصية أساسية في الفيلم الى جانب ياسين. وعندما تسللت الى سورية في مرحلة ثانية للالتحاق بياسين وزياد بعيد وصولهما الى مدينة الرقة في الشمال السوري، عملت كفريق واحد مع زياد لتصوير ياسين وفي ذات الوقت رحت أوثق بكاميرتي لتطور العلاقة بين الاثنين. وعندما اختطف زياد من قبل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) وبقي معتقلا في سجونهم في الرقة لمدة شهرين كان علي أن أصور غياب زياد عن ياسين كمثل تصويري لحضوره مع ياسين.

في السيناريو و المونتاج الذين عملت عليهما في بيروت كان واضحا أن المواد والمقابلات والكادرات التي صورها زياد في سورية تحمل بصمته الشخصية الواضحة، في حين طغى حضور زياد  كشخصية في الجزء المصور في تركيا.

في البداية كنا نريد أن نوقع الفيلم باسم مجموعة "بدايات" التي أنتجت العمل من دون أن نضع أسماؤنا ومهامنا، لكن طبيعة المادة المصورة وحضور العلاقة الشخصية و الانسانية التي تجمع بين من يقف وراء الكاميرا ومن يقف أمامها، ودور زياد المركب كشخصية وكمصور، فرضت علينا في النهاية تحمل مسؤولياتنا في انجاز هذا العمل المشترك وأن نتبناه مجتمعين وأن نوقعه باسمائنا الصريحة.

 

 

 

السؤال الثالث:

 

زياد حمصي شخصية أساسية في الفيلم، في حين أنك لست كذلك، لماذا؟

 

على الرغم من كل ما يفرق بين ياسين المثقف وزياد المصور الشاب والناشط المدني، لجهة العمر والخلفية السياسية والتجربة الحياتية، فإن الثورة جمعت بينهما ومضيا فيها حتى النهاية ودفعا من أجلها أثمان باهظة قبل أن تختطفها منهما التيارات الاسلامية المتطرفة وتجبرهما على الرحيل من البلد.

 من هنا فهناك في تجربة زياد الشخصية وفي علاقة التقدير التي يحملها تجاه ياسين، مايستحق أن يصور، ومايفيد ويغني البناء الدرامي للفيلم.

 أما من جهتي، أنا المحظوظ بالاقامة في بيروت، فانني عشت هذ الثوره من الخارج. ومن هنا ارتأينا آنه من الافضل لانجاز هذا الفيلم أن أظل "أنا" خارج إطار الشخصيات الرئيسية وأن يقتصر دوري كسينمائي على الوقوف خلف الكاميرا أو خلف طاولة المونتاج، بينما كان زياد مصورا ومقاتلا وشخصية في الفيلم قبل أن ينتهي به المطاف سينمائيا مع انجاز هذا الفيلم

 

 

السؤال الرابع:

 

القيام برسم بورتريه سينمائية للشخصيات المؤثرة والقوية، هل هي بحسب رأيك وسيلة هامة لفهم رهانات حركة التاريخ؟

 

رهانات حركة التاريخ كما نفهما سينمائيا على الاقل، لا تصنعها الشخصيات والرموز القوية، بقدر ما تصنعها إنسانية وتردد وضعف وهشاشة هذه الشخصيات والرموز القوية في مواجهة معترك الحياة. وإذا كانت هذه الهشاشة لا تصنع حركة التاريخ، فهي على الاقل تصنع حركة السينما

 

 

السؤال الخامس:

 

الفيلم تم إنتاجه من قبل بدايات، جمعية ولدت بشكل طارئ في العام ٢٠١٣ هل من الممكن أن تقدموا لمحة عن بنيتها وعن عملها؟

 

 "بدايات" هي جمعية سينمائية سورية، ولدت أثناء الثورة ضمن سياق المحاولات العديدة التي سعت وتسعى لان يستعيد السوريين إمكانية إنتاج صور تليق بعذاباتهم وترتقي الى مستوى تضحياتهم. وتطمح "بدايات" في هذا السياق أن تكون مختبرا ومكانا لتبادل الخبرات والتفاعل بين الشباب المعني بالأفلام الوثائقية والأفلام القصيرة التجريبية، وتعمل "بدايات" على دعم وتطوير المشاريع السينمائية لصانعي الأفلام السوريين ضمن بيئة تفاعلية تسمح باستكشاف وتمكين المواهب الجديدة عبر تقديم المنح الصغيرة والانتاج والتدريب.

 

 السؤال السادس:

 

هل مازلتم على صلة مع ياسين؟

 

بالتأكيد لا تزال تربطني علاقة صداقة وهموم مشتركة مع ياسين، الذي أدرك و منذ اليوم الاول أن هذا الفيلم ليس بورتريه حيادية عن ياسين بقدر ما هو فيلمنا ورؤيتنا والبورتريه التي أحببنا رسمها لياسين بكل حرية وبتصرف

 

المشاركة
عرض المزيد