في الصحافة

ثائر السهلي: حين قصف الميغ مخيم اليرموك - بقلم يارا ابراهيم

18/07/2013

للشام بُعد في هذا المخيم، وهو ارتمى في حضنها. مخيم اليرموك كان عالم من "الخصوصية الوطنية" المبنية على تضاد مع "المنفى" وخدش بارز في الهوية، “لا أعرف إن كنت سأشعر بفلسطينيتي بدونه".
في فيلم “ميغ” يروي المخرج ثائر السهلي قصته مع مخيم اليرموك بدمشق، حين أسندت طائرة الميغ نفسها على شوارع وحياة أبناء المخيم. يحدثنا المخرج الفلسطيني عن حياته هناك، عن الهوية وفلسطين والحب والنزوح، عن تجربة الثورة في ابن توأم الشام "لم يكن مخيم اليرموك عبئاً علي كما قد يكون الحال مع أخي اللاجىء الفلسطيني في لبنان أو الأردن أو الضفة”.
 
للشام بُعد في هذا المخيم، وهو ارتمى في حضنها. مخيم اليرموك كان عالم من "الخصوصية الوطنية" المبنية على تضاد مع "المنفى" وخدش بارز في الهوية، “لا أعرف إن كنت سأشعر بفلسطينيتي بدونه".
 
يقول المخرج الشاب " كان هناك فرصة حقيقة لبلسمة خدش الهوية مع اندلاع الثورة في سوريا، حينها اكتشفت إنني لست فلسطينياً فقط، بل فلسطيني سوري، أتقاسم مع السوريين الهواء والماء والقذائف والصواريخ، وداخل حدود المخيم اكتشفت شكل وفداحة ماحل باللاجئين الفلسطينين الأوائل من خلال معايشتي لنزوح السوريين من مختلف الأنحاء والأرجاء ليتخذوا اليرموك ملجأً لهم من قمع العسكر". ويؤكد السهلي" لقد خبرت تجربة الآباء كيميائياً، وسرعان ماخبرتها على المستوى الشخصي والجمعي عندما غادر أهالي المخيم خوفاً من غارات الميغ".
 
حين قصفت الميغ جامع "عبد القادر الحسيني" في المخيم، وجد ثائر نفسه راكضاً هو وكاميرته الصغيرة نحو الدخان المتصاعد من الجامع بالقرب من المستوصف حيث تعمل زوجته، كانت العدسة تبتلع كل الطريق،الأقدام الملتهبة والوجوه المرعوبة، وتسجل لهاث ثائر، وتوثق اجرام النظام السوري.
" لطالما رداوتني فكرة الحديث عما يدور في المخيم على يد النظام مدعي الممانعة وذلك لايصال ما تلقيته منه واختبرته خلال العامين الأخيرين" يوضح ثائر"،ليأتي فيلم الـ"ميغ" راوياً قصة المخيم وقصتي الشخصية، لأن حكاية كل منا تختزل كل تلك الأيديولوجيات والدعايات لا بل تتجاوزها بمخاطبة واضحة ومباشرة للعمق الانساني في المتلقى، ليس بعقله أو قلبه فقط بل بضميره، في الفيلم أحاول أن أجبره على جعل هذا المثلث، "العقل والقلب والضمير"، فخاً منصوباً كي يكشف عن كونه كائن أخلاقي".
 
لم يصور ثائر الفيلم وحده بل كان عملاً جماعياً، لمجموعة شباب فلسطيني، ولم يكن هذا أول ماصوره، فلهم كذلك العديد من الفيديوهات التي حاولوا من خلالها لفت أنظار العالم لحكاية المخيم في زمن الثورة. يعلق السهلي "لم يكلفني الفيلم سوى المخاطرة، تلك هي مصاريف الانتاج الوحيدة التي كانت كلفة حقيقة، فالكاميرا اليوم في سوريا هي بمثابة بندقية رشاشة، يرفض النظام دون مواربة حضورها الحر، لذا يحاول دائما ترويضها، لذلك تم تصوير الفيلم بأكثر من كاميرا نظراً للوضع الأمني، ولإمكانيات التصوير." 
 
خرج ثائر من سوريا مرغماً حاله كحال الكثيرين من أهل المخيم، وضع المواد التي استطاع اخراجها جانباً لشهر كامل دون أن يستعرضها، فمازالت قذيفة الـ" ميغ" تحوم في وجهه. يقول السهلي " بعد خروجي من سوريا، لم أستطع استعراض المواد التي صورتها لمدة شهر تقريباً، فهناك تركت نفسي، وتوقف الزمن بالنسبة لي، فأنا لازلت أشعر أني في أحد أزقة المخيم، فالمخيم كما جاء في فيلم الـ "الميغ" "ولاد المخيم بيبكوه لما يطلعوا منه، بس هو ما بيطلع منهم".. إنه توأم الوطن، وفي الغربة لا أخرج لأمشي في المنفى، لأني مروض على منفى واحد، كلما مشيت في شارع كان يفضي حكماً إلى نهاية، أو بيت صديق".
استشهد العديد من أصدقاء ثائر أثناء محاربة النظام من خلال كاميراتهم، وفي مخيم اليرموك المحاصر حتى الآن، لا يزال لثائر أصدقاء يعكسون عبر عدساتهم اجرام النظام وانتهاكاته والموت الذي ينشره في أرجاء المخيم.
 
يقول المخرج الفلسطيني "هناك في المخيم القابع في وسط دمشق تركت الكاميرا واستشهد كل من أحمد كوسا ومنير الخطيب، صديقيّ الذين أهديهما هذا الفيلم، استشهد أحمد والكاميرا بين ذراعيه لذلك كان على قصة "ميغ" أن تظهر وتسمع، لأن أحمد أراد ذلك، ولأنه استشهد وهو مؤمن بذلك، قصتنا يجب أن تحكى، سواء كنا بالمخيم أو في المنفى".

خاص "بدايات"

 

المشاركة
عرض المزيد