في الصحافة

بالذبح جيناكم" - بقلم راشد عيسى"

25/06/2013

لا شك في أن الأداء الساخر للأغنية ساهم في إنتشارها السريع، وهي تعتبر تتويجاً لأرشيف هائل من الأعمال العفوية الساخرة التي واجه السوريون بها نظامهم. وهي كذلك تعتبر فاتحة مبشرة لنوع من الأعمال الفنية التي بدأت تعمل بشكل احترافي. 

في خلال ساعات فقط من رفعه على "يوتيوب"، حقق الشريط الغنائي الساخر "بالذبح جيناكم" مشاهَدات بالآلاف، مسجلاً حتى اللحظة أكثر من عشرين ألف مشاهَدة. فهو واحد من أعمال فنية قليلة تستلهم الأوضاع السورية بهذه السوية الرفيعة من الاشتغال على الموسيقى والغناء والأداء الساخر. الفيديو يستلهم أغنية لطفل في مدينة بنش (ريف إدلب) جاءت تأكيداً على استثمار "جبهة النصرة" للأطفال في تأجيج العنف.

الطفل في الفيديو يَعِد العلويين والشيعة بالذبح، ويومئ بيديه بطريقة تستحضر حركة الذبح. العمل يبدأ بوضع شريطي فيديو متجاورين. الأول لذلك الطفل من بنش، والثاني لطفل آخر يغني في "مزة 86" ويردد كلمات بذيئة، وأنه سيفعل كذا وكذا بالثورة. الطفل يغني وسط مجموعة نسمعها تردد اللازمة "فرقة رابعة"، كما لو أن هاتين الكلمتين هما إشارة الذبح الخاصة بأنصار النظام.
 

الأغنية الجديدة لا تضيف الكثير إلى الأغنية الأصل، سوى أن "رح نذبح الشيعة"، ستصبح "رح نذبح الشيعة والإسماعيلية، رح نذبح الكاثوليك فوق المرشدية، رح نذبح الأرمن ونشوي العلوية، رح نذبح الأكراد وكل الشركسية، رح نذبح الدروز ونحرق كل المجوس، رح نذبحهن للسيخ ونتعشى بالهندوس، رح نذبح السنة ونقلي القبيسية، رح نسلخ الإنسان ونمحي البشرية". وهي مغناة على أنغام آلات موسيقية حديثة وإيقاع شبابي معاصر، يصدح بها مؤدون يمثلون أعراقاً متعددة. كما يحتوي الفيديو على تلك الإشارات التي تحتقر الآخر وتهزأ منه، لكن الإيماءة التي يكررها الجميع، وتعتبر بطلة هذا الفيديو، هي إيماءة الذبح. 
 
لا شك في أن الأداء الساخر للأغنية ساهم في إنتشارها السريع، وهي تعتبر تتويجاً لأرشيف هائل من الأعمال العفوية الساخرة التي واجه السوريون بها نظامهم. وهي كذلك تعتبر فاتحة مبشرة لنوع من الأعمال الفنية التي بدأت تعمل بشكل احترافي. 
 
أحد المشتغلين في العمل، وفي مؤسسة "بدايات" المنتجة، يقول لـ"المدن" إن "الفكرة كانت أساساً لمناهضة إستخدام الأطفال من قبل الطرفين بشكل بشع وقبيح. نحن لا نساوي بين الضحية والجلاد، ونحن منحازون للثورة، لكن في هذا الموضوع الفضيحة، كان يجب أخذ موقف واضح ومن دون لبس". وعن السخرية في العمل، يقول: "كانت أداتنا الأمثل للرد على الجميع، ولدفع الجميع إلى التفكير، ولو قليلاً، إلى أي منحدر وهاوية يقودنا التحريض الطائفي والمذهبي". ويضيف: "ما عدا ذلك كان العمل نوعاً من التعبير عن الإيمان بأن الفن والموسيقى والصورة، كلها تجعلنا نتلاقى من أجل الحرية". واعتبر أنها "لن تكون المرة الاخيرة. هي محاولة في التجريب مع مجموعة من الشباب السوري المعني بالمسرح والفن... ويبقى أن هذا جزء صغير من طموحات "بدايات" التي تركز أساساً على الأفلام الوثائقية وسينما المؤلف الشابة، ولكن هذا العمل يحتاج إلى وقت وجهد حتى تظهر باكوراته".
 
وبخصوص الطريقة التي جرى فيها تلقي العمل، يقول: "الطريف في الفيديو إن بعض قصيري النظر، لم يتقبلوا أن يكون هناك سخرية من خطاب الكراهية من خلال استخدام خطاب الكراهية نفسه وقلبه ضدهم، وتستطيع أن ترى في النقاشات الملتهبة في صفحة يوتيوب مدى حاجتنا الى تقبل السخرية حتى في هذه المواضيع الحساسة، بل لنقُل، خصوصاً في هذه المواضيع الحساسة". ويضيف: "كذلك تقبّل أصدقاؤنا العراقيون والمصريون، الفيديو بسرعة، ووجدوا فيه صدى لما يعيشونه اليوم في بلادهم"، خاتماً: "غريب، أمام هذا الكمّ من الكراهية والعنف والطغيان، أن تقف الثقافة ومعها الفن موقف المتفرج، لا بد للفن في النهاية أن ينحاز إلى الحرية لأنها في صميم وجوده". وفي تفسيره لإنتشار الفيديو السريع وبشكل كبير، يعتبر عضو فريق العمل نفسه أن "هذا دليل على حاجة الناس إلى السخرية والضحك في أحلك اللحظات".

أما الموسيقي الذي اشتغل على الأغاني، فرأى، رداً على سؤال حول عدم التوازن بين الأغنيتين في الفيديو، بأنه "من الصعب الدمج موسيقياً بين اللحنين، لكننا وضعنا المقطعين في البداية كي لا نبدو منحازين إلى جهة واحدة". ويشرح: "حاولنا أن تشبهنا الموسيقى، من دون أن تنحصر في الشباب. حاولنا ان تكون ممتعة لتكون استراحة من العنف". لكن، أليس هناك خوف من أن تُحفظ كلمات الأغنية وتعلق على لسان المتلقي؟ يجيب الموسيقي: "يجب أن نرى أثر الأغنية كلها، ككتلة واحدة، فهي لا تتجزأ بين الهدف والنص".

 
عن موقع المدن الالكتروني

 
 
رابط المقابلة
 http://www.almodon.com
المشاركة
عرض المزيد