خلفية

مع بداية الثورة السورية، تعرف السوريون على أنفسهم فجأة من خلال صورهم التي صنعوها بإيديهم بعد عقود طويلة من إحتكار السلطة للحق في التكلم باسم السوريين، ومن إحتكارها كذلك للحق في صناعة الصور التي تريدها عن السوريين وللسوريين.

خرج السوريون بداية الى الشوارع مسلحين بكاميرات هواتفهم النقالة، وذهبوا الى حد تصوير موتهم بايديهم، ظنا منهم أن هذه الصور ستجعل العالم يشاهد ويشهد، وأن هذه الصور ستردع في النهاية السلطات الحاكمة عن قتلهم! لكن شيئا من هذا لم يحدث، وكانت الجريمة أقوى من قدرة الصورة على ردعها.

 

  لم يتوقف السوريون على مدى عامين عن محاولة مخاطبة العالم من خلال تكلمهم حينا، وصراخهم في أحيان أخرى أمام عدسة الكاميرا، فعلوا في فيديوهات اليوتيوب وفعلوا أمام عدسات الصحافيين والمراسلين الأجانب وفعلوا حتى في أفلام وريبورتاجات غلب عليها الطابع الحدثي. وبتنا أمام سيل لا ينتهي من الصور والمشاهد التي تحاول أن تقول دفعه واحده، العنف والعذاب والألم الذي يعيشه السوريون كافة.

لقد كانت الصورة، بصناعتها وتلقيها وتأويلها، في قلب الثورة السورية، تولد الحدث بالقدر ذاته الذي تصوره، وتلغي الحدث بالقدر ذاته الذي تعجز فيه عن تصويره. وبين هذه وتلك، ظهرت من جديد أهمية الفيلم الوثائقي في قدرته على إستحضار ما بقي غائبا من قصص وحكايا الناس الذين يعيشون الثورة بقدر ما يصنعوها.
 
لقد فرضت هذه العلاقة المركبة والمعقدة مع الثورة وصورتها، تحديات عدة على الجيل الشاب من المشتغلين في مجال الافلام الوثائقية، في سوريا خصوصاً والمنطقة عموماً وباتت تتطلب منهم محاولة صناعة أفلام تشبه جيلهم بتساؤلاته وهمومه، بعيدا عن الصور النمطية التي تتناقلها وسائل الاعلام العالمية ونشرات الأخبار التلفزيونية، وبعيدا عن استجرار صور الموت والدمار التي طغت على كل ما حولها من حياة و مقاومة وفعل وفن.

من نحن
في المختصر

 

"بدايات" شركة مدنية، تهتم بدعم وإنتاج الأفلام الوثائقية الطويلة والوثائقية والتجريبية القصيرة، وتنظم دورات تدريبية متخصصة تواكب كافة مراحل صناعة الفيلم الوثائقي.

مقاربتنا


نعيش اليوم في زمن إنفتح فيه واقع المنطقة مجددا على التاريخ وتعدد وتشظى وبدأ الناس بالكاد بالتعرف على تضاريسهم الجغرافية والاجتماعية والانسانية.
في هذا السياق الواسع، تأتي "بديات" من داخل الهامش الفني الصغير، المسكون بهواجس الأسئلة القلقة في مجال الفيلم الوثائقي، بعيداً عن المسلمات والإجابات الجاهزة.
 
لم يعد يكفي اليوم، القول بتصوير الواقع بموضوعية ونقله بدقة وإحترافية، بل بات ملحاً لمن يريد أن يصنع فيلما وثائقيا أن يمتلك رؤيا وتسآولات في العلاقة مع هذا الواقع، وأن يحاول استعادته من خلال وجهة نظره، وأن يكون لديه شيئا مركبا يقوله، ولمن سيقوله، وما هو الشكل الفني الأنسب ليقوله.
 
الموضوعية في الفيلم الوثائقي، هي تلك التي تأخذ في الحسبان ذاتية المؤلف ووجهة نظره. الموضوعية هي أن نعي أن الحقيقة تكمن في تعدد وجهات النظر وتقابلها. الموضوعية هي في احترام شخصيات العمل وقصصها وهواجسها. الموضوعية هي في الصدق مع الذات وفي جمالية السرد وفي قوة البناء الدرامي وفي تماسك الرؤية الفنية. فالحكاية لا تكتمل من دون وجهة نظر المؤلف، ومن دون المعالجة الزمانية والمكانية، ومن دون الشغل على الصوت والكادر البصري، ومن دون الذهاب عميقا في التركيب والمونتاج. والحكاية لا تكتمل من دون أن يكون لجمهورالمشاهدين دوره وحريته في قراءة وتأويل الأفلام الوثائقية بعيدا عن أي وصاية أو تلقين.
 
 

رؤيتنا
رؤيتنا

 

تسعى "بدايات" الى المساهمة في خلق ثقافة سينمائية وفنون بصرية مبدعة ومستقلة وجريئة ومتفاعلة ومؤثرة بمجتمعاتنا  ومنفتحة على المجتمعات الأخرى..

 

أهدافنا

 

تطمح "بدايات" أن تكون مختبرا ومكانا لتبادل الخبرات والتفاعل بين الشباب المعني بالأفلام الوثائقية والأفلام القصيرة التجريبية، على أمل الوصول الى تشكيل حاضنه ثقافية وسينمائية تقدم لهم الدعم والمسانده الفنية والمالية، وتساعدهم قدر الإمكان في إنجاز أعمالهم وافلامهم.

تأمل "بدايات"، أن تتمكن في النهاية من تسليط الضوء على تعقيدات وغنى الواقع السوسيولوجي للمنطقة، من خلال لغة سينمائية وثائقية، تُسائل الواقع بقدر ما توثقه، وتنحاز للفن في مواجهة البروباغندا و للناس في مواجهة الحكام، وللثورة في مواجهة العطالة (ستاتيسكو).